يصل بي الأمر إلى حالة من التأمّل تنزاح بي نحو اختزالات تتعدّى حدود الشكل المألوفة نحو مساحات لونية متشظيّة، بدورها تتجاور وتتحاور كي تعيد بناء الشكل على نحوٍ شعريٍّ أو موسيقيٍّ تضبطه الإيقاعات اللونيّة. ما تختزنه الذاكرة من مشاهدات بصريّة أو انفعالات أو تأملات يتشابك مع مفردات جديدة تتراكم على مراحل زمنيّة متفاوتة، ويصبح سطح اللوحة مجالاً لتقاطعات متعدّدة الطبقات، بحيث يتجرّد المألوف ليكون أكثر نقاءً في قيمة اللون وبعيداً عن التعريف في مرجعيّته الواقعيّة، وذلك نتيجة للتماهي بين جميع العناصر في محتوى التفاعل الذي تنشأ منه اللوحة، فمشروع أية لوحة ربما يولد قبل تنفيذها بسنوات أو ربما بلحظات لكنه يمتد في جذر الذاكرة معيداً صياغة تفاصيل سابقة ولاحقة معاً.
إن وصف اللوحة أو تفسيرها يعني استذكاراً مبهماً للحظة قلقة تتواجد في أعلى طبقة في التفاعل، لكنها تمتد عميقاً لتلامس امتدادات زمنية وتداعيات بعيدة عن تلك اللحظة.
غسان أبولبن